عصر التلفزيون والكمبيوتر والطائرة من أهم مظاهر التطور في القرن العشرين ولكن عصر النانوتكنولوجيا هو المستقبل الذي ينتظرنا بكل ما يحمل من تكنولوجيا لها ميزاتها ومخاطرها.
إ
ن النانوتكنولوجيا هو اسم كبير يخفي في طياته العديد من مواضيع البحث العلمي التي تتعامل مع الأجسام التي بحجم النانومتر (النانومتر هو جزء من البليون متر اي ان النانومتر هو 1/1000,000,000 متر)، في هذه المقالة من تفسيرات فيزيائية سوف نلقي الضوء على هذه التكنولوجيا الجديدة.
ما هي التكنولوجيا النانويةفي هذه الصورة نلاحظ وجود ترس لجزء من محرك نانوتكنولوجي بحجم حبيبة غبار وفوقه حشرة وهذا يوضح أن العلماء يستطيعون صنع آلات صغيرة بصغر حبيبة الغبار! (حجم حبيبة الغبار يوازي حجم ربع نقطة عادية على الصفحة) هذا المثال جزء فقط مما يمكن لهذه التكنولوجيا أن تحقق.
أصل مصطلح التكنولوجيا النانوية أو النانوتكنولوجيتم إدخال مصطلح التكنولوجيا النانوية لأول مرة عام 1974 وذلك من قبل الباحث الياباني نوريو تانيغوشي عندما حاول بهذا المصطلح التعبير عن وسائل وسطرق تصنيع وعمليات تشغيل عناصر ميكانيكية وكهربائية بدقة ميكروية عالية. أما البوابة إلى عالم الذرات فقد تم فتحها عام 1982 عن طريق الباحثين السويسريين جيرد بينيغ وهاينريش رورير، حيث قاما بتطوير الميكروسكوب الأكثر دقة من أجل مراقبة الذرات وإمكانية التأثير بها وإزاحتها وبعد إنجازهما المشترك بأربع سنوات 1986 حصلا على جائزة نوبل. في عام 1991 اكتشف الباحث الياباني سوميو ليجيما الأنابيب النانوية المؤلفة فقط من شبكة من الذرات الكربونية وبالقياس تم الحصول على مقاومة شد أعلى من مقاومة شد الفولاذ بعشرة مرات وأكثر قساوة واستقراراً من الماس بمرتين على الأقل. إن الطلب على المنتجات النانوية آخذاً بالازدياد والنمو، ففي عام 2001 بلغ معدل الإنفاق العالمي على المجال النانوي حوالي 54 مليار يورو، هذا وتشير التوقعات بأن هذا المبلغ سوف يتضاعف أربعة مرات حتى عام 2010.
البناء باستخدام الذراتمجموعة تروس ذرية تستخدم في تصنيع الآلات الناتويةهناك ثلاثة مراحل للوصول إلى مواد واجهزة والات مصنعة بالتكنولوجيا النانوية هي:(1) العلماء عليهم ان يتمكنوا من التأثير والتحكم بكل ذرة من الذرات المكون للمادة، وهذا يعني تطوير طريقة للامساك بالذرة وتحريكها إلى المكان المطلوب، وفي الحقيقة تمكنت شركة IBM في العام 1990 من كتابة اسم الشركة على بواسطة ترتيب 35 ذرة من ذرات عنصر الزينون على سطح بلورة من النيكل واستخدموا علماء شركة IBM في ذلك جهاز الميكروسكوب الذري atomic force microscopy
صورة تحت الميكروسكوب الالكتروني لكلمة كتبت بذرات الزينون(2) المرحلة الثانية وهي تطوير ألات نانوية تسمى المجمع assembler، تبرمج مسبقاً لتتحكم في الذرات والجزيئات،وحيث أن مجمع واحد يحتاج إلى الاف السنين ليصنع مادة من نوع واحد من الذرات لذلك فإن المطلوب هو ملايين من هذه المجمعات تعمل مع بعضها البعض لتصنع جهاز أو ألة أو مادة.
(3) ليتمكن العلماء من تطوير ملايين المجمعات فإن أجهزة نانوية تسمى المستنسخات replicators تكون مبرمجة لتبني هذه المجمعات.
نستنتج مما سبق أن التكنولجيا النانوية تحتاج إلى بلايين من المستنسخات لبناء البلايين من المجمعات وهذه لن يزيد حجمها عن مكعب بحجم 1 ميليمتر مكعب والتي بدورها تتحكم في الذرات.هذا كله لن يرى بالعين المجردة وهذا يعني أن أيدي عاملة من نوع جديد بانتظارنا!
بعض تطبيقات التكنولوجيا النانوية(3) تمكن علماء ألمانيون من اكتشاف وسيلة نانوية جديدة بغية حفظ المخطوطات القديمة وحمايتها من التلف وتأثير العوامل الخارجية.
(4) في عالم الميكانيك الهندسي حقق الباحثون نتائج مذهلة في مجال السيطرة على عمليات الاهتراء والصدأ والتآكل الميكانيكي والكيميائي، وكذلك في مجال التغلب على الاحتكاك الميكانيكي حيث أنه سيتم الاستغناء عن مواد التزييت والتشحيم، وهذا ما يساعد على إطالة عمر الآلة وزيادة كفاءتها.
(5) في مجال صناعة السيارات تم استخدام طرق ومواد نانوية جديدة في مجالات الطلاء والتغليف والعزل والمساهمة في تخفيف وزن السيارات وزيادة صلادتها وبالتالي تخفيض مصروفها من الوقود. وهناك العديد من الأبحاث في مجال تطوير وتصنيع عجلات السيارات والتي ستكون لها خاصية التلاؤم الأتوماتيكي مع ظروف الطقس وطبيعة الأرض والعوامل الخارجية الأخرى.
(6) تمكن الباحثون الألمان من تخزين المعلومات في ذرات قليلة وقراءتها، وإذا ما استمر النجاح في هذا الاتجاه فإنه سيصبح قريباً من الممكن تخزين كل ما تم إنتاجه من الأدب العالمي على رقاقة بحجم الطابع البريدي.
(7) لقد فتحت التكنولوجيا النانوية آفاقاً جديدة في المجال الطبي والجراحي، هناك دراسات عديدة من أجل تطوير روبوتات نانوية والتي يمكن إرسالها إلى الجسد للتعرف على الخلايا المريضة وترميمها وكذلك للتعرف على محرضات الأمراض ومعالجة الأمراض المستعصية والأورام الخبيثة.
إن الأمثلة التي تم طرحها فيما سبق لا تشكل سوى غيض من فيض تطبيقات التكنولوجيا النانوية والتي بدأت برسم ملامح المستقبل القادم. وما زالت تتسرب من وقت لآخر، معلومات عن مشروعات طموحة تجري في بعض مراكز البحوث بالعالم، منها فكرة لبناء محركات في حجم الخلية البكتيرية
تدير الآلات المجهرية أو "فوق مجهرية" قادرة على التقاط جزيئات من المواد في البيئة المحيطة بها ،و معالجتها ، تخلصا من الجوانب غير المرغوب فيها ،أو تعظيما للفائدة في جوانب أخرى ، و من المتوقع أن تزيد الاستثمارات في هذا الحقل العلمي الفريد الذي سيحدث ثورة صناعية جديدة في المستقبل القريب .
مراجعhttp://www.royalsoc.ac.uk/landing.asp?id=1210
http://encyclopedia.quickseek.com/index.php/Nanotechnology
http://physicsweb.org/articles/world/17/8/7
د./ حازم فلاح سكيك