من حقّـنا أن نضع الجمال في قائمـة المواصفات التي نطلبها في الزواج .. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: إني تزوجت امرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( ألا نظرت إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا !!) [النسائي]
ولمّا سئل - صلى الله عليه وسلم -: أي النساء خير؟! قال: ( التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره ) [ النسائي]
ومما يدل شرعا على أهمّية اعتبار الجمال: إباحة النظر إلى المخطوبة، ومعلوم أن النظر إنما أبيح ليُعرف القبح والجمال في المرأة والرجل.
ولكنّنا قد نبالغ أحياناً في شروط وأوصاف الجمال، متناسين أنّ التي تتوافر على شروطنا لها شروطها أيضاً التي قد لا تتوافر فينا، وأنّ المبالغة في التركيز على الشكل تخسرنا الجمال الآخر الذي عبّرنا عنه بـ «الجاذبية» أو «جمال الروح»، وأنّ الجمال الجسدي الخالي من الجمال الروحي ليس جمالاً بل وبالاً.
الشكل أو الجمال الظاهري مطلوب، لكنّه ليس الشرط الوحيد في تحقيق السعادة الزوجية، فهناك في هذه الحياة المشتركة الجميلة الكثير والكثير من مظاهر الجمال غير المنظر الخارجي، فهناك المودّة، وهناك الرّحمة، وهناك الألفة والعشرة والأنس، وهناك التفاني، وهناك العمل المشترك على إنشاء أسرة صالحة .. وهناك وهناك، فإذا فاتنا جمال فسيكون هناك أكثر من جمال آخر يمكن أن نتطلّع إليه، ويمكن أن ننجذب بسببه إلى الآخر.
الجوهر قبل المظهر
- جمال الصورة تبليه السنين ولا يقبل النّماء، بعكس جمال الروح فإنه قابل للنّماء والتألّق، وهو الجمال الذي امتدحه الله تعالى بقوله: { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ } [النساء/34] .
- جمال الصورة قابل للتنازل عنه، بعكس جمال الروح فإنه لا يقبل التنازل عنه أو التساهل فيه.
وتذكّر وصية حبيبك محمد -صلى الله عليه وسلم-إذ أوصاك بقوله: ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ).
- جمال الروح وجمال الطباع ينعكس على الجسد فيجعله جميلاً، أما جمال الجسد فلا يغني إذا ساءت الروح أو الطباع .. ورب ملكة جمال لا يطيق زوجها أن ينظر إليها لسوء أخلاقها وطباعها، والنفس تحب ألوان الجمال جميعًا المادي والروحي.
- القصور في بعض ملامح الجمال الظاهري يمكن تكميله وتعويضه بعكس جمال الروح .. فلا يلزم من اشتراطك ملامح معيّنة في الجمال أن تفرّط في بعض الفرص السانحة بسبب ذلك، فمثلاً قد تجد فتاة صيّنة دينة على جمال وخلق لكنها (بدينة بعض الشيء) وأنت ترغب في فتاة غير بدينة، فالجمال من هذه الجهة ممكن أن يعوّض بمساعدتها مثلا على برنامج للحمية ونحو ذلك.
انتبه لاختيارك
• من أكثر الأخطاء التي يقع فيها المقبلون على الزواج - سواء شابا أو فتاة - هو عدم أخذ المشورة من أهل الاختصاص ومن أهل الخبرة في الحياة العملية، سواء من الأهل أو الأصحاب.
كذلك عدم إعطاء نصائحهم قيمة في هذا الصدد، مع أن مثل هذه النصائح إذا أخذت في الحسبان فإنها سوف تمنع الكثير من المشاكل التي قد تطرأ بسبب وجود تنافر في الطباع يتم التغاضي عنه تحت تأثير العاطفة والرغبة في إتمام الزواج.
• عند تحديد بنود التكافؤ لشريك الحياة يجب الانتباه إلى أن الشخص كامل الأوصاف غير موجود، وأن عليك تحديد أولوياتك وترتبها حسب ما تحتاجه من شريك حياتك، وأي منها أساسية وأيها ثانوية، وما هي الأشياء التي تقبل التنازل عنها في بنود التكافؤ لحساب بنود أخرى، بمعنى إذا وضعت الشكل والجمال – مثلا- في أول القائمة، فعليك أن تضع في اعتبارك أن ذلك قد يكون على حساب المستوى الاجتماعي والاقتصادي -مثلا- وهكذا .
• ما يهم في شريكي الحياة أن يلبي كل منهما احتياجات الآخر بطريقة تبادلية ومتوازنة، وهذا لا يتطلب تشابههما أو تطابقهما، وإنما يتطلب تكاملهما بحيث يكفي فائض كل شخص لإشباع حاجات الشخص الآخر.
• اختلاف الثقافات ليس العامل الوحيد المؤثر في نجاح أو فشل العلاقة الزوجية، بل إن التعويل إنما يكون على مرونة الطرفين وقدرتهما على توظيف الاختلاف الثقافي بوصفه عنصر إثراء وتكامل، ووعيهما بحتمية التنازلات المشتركة أحيانًا، وبضرورة التفهم والتفاهم، والتعامل بروح الانفتاح وليس الإصرار على عادات أو تقاليد بعينها بوصفها الصواب، وغير ذلك خطأ.
• الأصل أن يكون الرجل أكثر خبرة وحكمة ونضجًا من المرأة التي سيكون قوامًا عليها، ولا يعني هذا بالطبع أن تكون هي حمقاء، وبالتالي فإن العبرة في الفارق العمري أن يساهم في حصول هذا الفارق في النضج؛ لأنه في مصلحة العلاقة الزوجية.
• من الأفضل اختيار السلامة من الأمراض والعيوب قدر الإمكان، وقد بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- أم سليم إلى امرأة فقال: ( انظري إلى عرقوبها وشمي عوارضها )، ومن المهم السلامة من أي عائق ممكن أن يمنع من الإنجاب.