بعضهم قد صنفوني من مؤرخي السلطة على أساس أنني أكتب عن قضية الشعب الجزائري . فهؤلاء يطلبون مني أن ألعن السلطة لكي أكون مؤرخا حقيقيا .
وبعضهم صنفني مؤرخا ضد السلطة لأنني لا أمتدحها ولا أشيد بمواقف رجالها ، بل أنتقدها ضمنيا تارة وصراحة تارة أخرى ، والواقع أنني مؤرخ ( مخضرم ) عشت في عهد الاستعمار الفرنسي وهو عهد عاشه الشعب الجزائري كله ، ويعرف أنه عهد تميز بالتجهيل والتفقير والقمع .
وكنا نطمح أثناء الثورة أن مصيرنا سيتميز بالحرية والعلم والثروة فإذا نحن بعيدين عن ذلك تماما .
فماذا يفعل المؤرخ الموضوعي ؟ أعرف أن هناك من ظل يمدح الاستعمار ويعتبر وجوده مكسبا وثقافته غنيمة والعلاقات معه دليلا على التسامح والانفتاح والعالمية
العلمية . وهؤلاء يحتسبون ولاءهم للسلطة الجزائرية بمدى تقربها أو ابتعادها عن القطب وهو دولة الاستعمار السابق .
وأعرف أيضا أن هناك رافضين لكل ما تقوم به السلطة في اتجاه العولمة والمعاصرة . والواقع أنني لا أقيس نفسي لا بهؤلاء ولا بأولئك ، ولكني أترك نفسي لحكم الآخرين لا في زمننا فقط ولكن فيما يأتي من الزمان .
فالمؤرخ يجب أن يكتب عن مسيرة وليس عن سلطة ، عن قضية شعب وليس عن نزوة حاكم . وكما يبحث الإنسان عن الخلود في النصب التذكارية والأضرحة
المحصنة والمساجد الفاخرة والأوقاف القائمة ، كذلك يبحث المؤرخ عن الخلود في مواقفه الثابتة وآرائه الصادقة .
والخلاصة أن مؤرخي السلطة سرعان ما ينطفئون بانطفاء السلطة التي تمدهم بالطاقة الضوئية . أما المؤرخ الموضوعي فيستمد طاقته الضوئية من نور الحكمة
والبصيرة .
حوار مع جريدة ( الحقائق )فيفري 2007
" يلاحظ أن هناك هجمة على اللغة العربية من خصوم العرب والإسلام، وقد شملت الهجمة الدعوة إلى تشجيع اللهجات المحلية لتصبح لغات وطنية، وكتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية، وهي الدعوة التي استجاب لها مصطفى كمال أتاتورك حين جعل اللغة التركية تكتب بالحروف اللاتينية بدل العربية. وفي هذا الصدد نذكر أن السواحيلية والهوسة واللغة الأندنوسية وغيرها قد تحولت أيضا من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية. ومن ناحية أخرى شملت تلك الهجمة على اللغة العربية كونها ليست لغة علوم وتكنولوجيا، وهكذا فإن أمام اللغة العربية مهمة صعبة لتنتصر على خصومها الذين يريدون في الحقيقة إبعاد العرب والمسلمين عن فهم القرآن الكريم وأحكامه باللغة التي نزل بها."