ibnrostom طاقم الاشراف
عدد المساهمات : 120 تاريخ التسجيل : 12/11/2010
| موضوع: هل معالجة أسباب الجريمة من شأنه أن يحد منها ؟ الثلاثاء 26 أبريل 2011 - 23:39 | |
| هل معالجة أسباب الجريمة من شأنه أن يحد منها ؟
المقدمة : (طرح الإشكالية ) لعل المشكلة الفلسفية هي كل إشكال لا ينتهي بإجابة يقينه بين الفلاسفة و هذا ما ينطبق على حد بعيد مع مسالة المسؤولية التي أفرزت أسئلة عديدة، من حيث حقيقتها و ماهيتها، وأول ما يسترعي انتباهنا عند طرحها هو تعلق الجزاء بالمسؤولية ارتباط النتيجة بالمقدمة وهذا يعنى أننا لا نتصور جزاء بدون مسؤولية فالجريمة آفة اجتماعية خطيرة تهدد حياة الإنسان واستقرار المجتمع، إلا أن ما بجدر أن يقوم فيه السؤال هو إشكالية الجزاء، ومنه نطرح الإشكال التالي هل معالجة منابع الجناية يحول دون ارتكابها ؟
2/ التوسيع (محاول حل المشكلة ) القضية : يرى الوضعيون الجريمة لها أسبابها الموضوعية في المجتمع ، و للتقليل من حدتها يجب معالجة الدوافع التي سبقتها . الحجج والبراهين : إن الدراسات الحديثة في الظاهرة الإنسانية كشفت عن أسباب و ظروف الإجرام مما أثرت على المشرعين في تغيير قوانين العقوبات و كيفية التعامل مع المجرم، فنجد هذا عند أصحاب "النظرة الوضعية" لأنهم يرون أن العقوبة تعالج النتائج ولا تعالج الأسباب، كون هناك حتميات دفعت الجاني إلى ارتكاب الجريمة ولا يتعلق بلا رادة بل ينشأ إما لعوامل وراثية أو اجتماعية أو نفسية، كما يري "لومبروزو" عالم بيولوجي وممثل المدرسة الايطالية في علم الإجرام أن هناك أشخاص مجرمون بالغادة بقوله (إن هؤلاء الأفراد استعداد فطريا ووراثيا أي اكتسب الجريمة بواسطة العادة) و دليله في ذلك: سجون ايطاليا التي كشف فيها أن للمجرم خصائص مميزة عن الآخرين كاتساع الكتفين والاندفاع البدني و سرعة الغضب و قد صنف "لومبروزو" على وجود نقائص بيولوجية متمثلة في جملة من الاستعدادات الوراثية التي تميز الأشخاص فقسمهم إلى 05 منهم المجرم بالفطرة و الذين لا سبيل لإصلاحهم مما يتطلب التخلص منهم منذ ولادتهم كونهم يشكلون خطر على المجتمع و مجرمين بالصدفة و الذين يمكن إصلاحهم بتخليصهم من الأسباب التي تدفعهم إلى الجريمة، وهناك حتميات اجتماعية يؤكد عليها "فيريvyri" عالم اجتماع بعد قيامه بدراسات دقيقة للوسط الاجتماعي للمجرمين بالفقر والبطالة التفكك الأسري والظلم و الفشل الدراسي .كلها ظروف تساعد على الإجرام لذا يجب مراعاتها عند معاقبة المجرم، ولا ننسى الحتمية النفسية كما يرى "سيجموند فرويد" يعود الإجرام إلى عوامل لا شعور نفسية مثل القاتل بتسلسل فهناك ظروف تدفعه إلى ذلك كالمعاملة السيئة لزوجة الأب فتتكون العقدة النفسية تؤدي به إلى الانتقام من الآخرين فيسميهم (البسيكوبات) لذا يجب تجنب أطفالنا أفلام العنف و إخضاع المجرمين للتحليل النفسي والرجوع إلى مراحل طفولتهم لأنه يقوم بالجريمة لا شعوريا. النقد ولقد اعتمدت المدرسة الوضعية على العقاب الإصلاحي و هذا لمعالجته و توفير جميع الظروف التي تمنعه من الإجرام و باتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية المجتمع من الجريمة، فلو أننا سلمنا بهذه النظرية، كنظرية "فيري" فهناك مصلحين عاشوا في وسط إجرامي فلم يؤثر عليهم المجتمع بل اثر فيها، كما أن هذا الموقف يبرر الجريمة ويتساهل منعها بل يشجعها فقد يجرم الإنسان ثم يقول "إنني أعاني من ظروف قاهرة". نقيض القضية :القضية : إن الفرد في المجتمع يتمتع بحرية كاملة، فهو يستطيع أن يقوم بأي فعل كما يستطيع أن و يمتنع عنه ، الحجج والبراهين : و من هذه الصياغة ترى المدرسة الكلاسيكية العقلية التي يتزعمها كل من أفلاطون و كانط و ديكارت وأصحاب علم الكلام الإسلامي انه لابد من إلحاق العقاب بالمجرم و إنصاف المظلوم لكون المجرم عاقل و مسؤول مع تحمله لنتائج فعله ، مما يؤكد أفلاطون في قوله ( إن الله برى و البشر مسؤلون عن اختيارهم الحر) فالعقاب ليس غايته مادية أو نفعية بل حماية المجرم من نفسه و من المجتمع و هذا الذي يؤكده كانط كذلك (اعمل دائما كما انك تعامل الإنسانية في شخصك و شخص الآخرين كغاية وليس مجرد واسطة) )، و ترى المدرسة العقلية أن العقوبة تنمى الشعور باحترام القانون لان العقاب له غايات أخلاقية فيقول احد الفلاسفة (لو أحللنا الشفقة محل العقوبة لاختل نظام المجتمع و عمه الفساد و الإباحية ) و يشاطرها الرأي الفكر الكلامي الإسلامي (المعتزلة) يرون أن المجرم حر و دليلهم في ذالك التكليف فهم يقولون، (ما دام الإنسان يملك القدرة على التمييز بين الخير و الشر بواسطة عقله فهو مجد ومكلف و مسؤولون) إذن يهدف لردع كل من تسول له نفسه التعدي على القانون. في حين أن القصاص حتمي و لا بد منه و يكون حسب حجم الجريمة ليصبح عبرة للآخرين و بهذا يكون العقاب له أغراض معنوية و روحانية. إذن ينحصر القصاص لتكفير السيئات. النقد فنحن لا ننكر أهمية هذه العقوبات المسلطة على المجرمين و لكنها غير كافية لتطهير المجتمع لان هذه المدرسة أسست المسؤولية على الحرية المطلقة و لكن المجرم في الواقع ليس حر حرية مطلقة فهو قد يكون مدفوعا في سلوكا ته لأسباب و ظروف تحد من حريته فهو يعيش في مجتمع له ظروفه و حتميات نفسية و بيولوجية تدفعه لذلك، أهملت هذه المدرسة إنسانية و ظروف المجرم، وعملها لا يقضي على الجريمة بدليل استمرار وجود الجريمة حتى في البلدان المطبقة لقوانين القصاص بصرامة .
التركيب : فان كان أصحاب النظرية التقليدية قد غالوا بالعناية في الجريمة فان أنصار النظرية الوضعية قد أجحفوا فيها و هذا باهتماماتهم بالمجرم على حساب الجريمة ، فالقصاص يزيد من حقد المجرم على المجتمع كما أن العقاب الاصلاحى يشجع المجرم على جرائمه.
الخاتمة : (حل المشكلة) ومنه نستنتج أن الجريمة ظاهر اجتماعية لا يمكن قطع وجودها أصلا بل التخفيف منها وبين القصاص والإصلاح نقول أن المدرسة الحديثة في الإصلاح هي أكثر إنسانية بتخليها عن عقوبة الإعدام والعقاب البدني، فالإدماج وإعادة التأهيل هي ضمانات اجتماعية للحد من منابع الجريمة.
| |
|